تابع الأزهر الشريف
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
تابع الأزهر الشريف
وفي صباح اليوم التالي، خرجت كتائب عديدة من الفرنسيين، وسارت إلى مختلف الأنحاء التي
تجمعت فيها الجماهير، في سائر المناطق المؤدية إلى الجامع الأزهر، وسارت كتائب أخرى لتمنع
جموع الأهالي التي تقاطرت من الضواحي على العاصمة، وكان منها كتيبة يقودها الكولونيل
سلكوسكي ياور نابليون.
وكانت جموع الثوار قد تضاعفت، وازدادت حميّتها، فالتحمت ببعض الكتائب، وحاولت أن تزحف
على المرتفعات التي ركبت فيها المدافع فوق تلال البرقية والقلعة، فصدّها الفرنسيون، وقتلوا عدداً
كبيراً من الأهالي، وقتل في تلك الأثناء الكولونيل سلكوسكي، وحمل نبأ مصرعه إلى نابليون فحزن
لفقده حزناً عظيماً، واشتدّ سخطه على الثوّار، واعتزم أن ينكل بهم أيما تنكيل.
وكانت المدافع في أثناء ذلك ترسل نيرانها على مراكز الثوّار، ولا سيما المناطق المحيطة بالجامع
الأزهر، فتفتك بهم، وتحطم الدور والمتاجر، وتقوّض في طريقها كل شيء، فلما تفاقم الخطب،
واشتدّ الكرب، ذهب مشايخ الديوان عصراً لمقابلة نابليون (صارى عسكر) فاتهمهم بالتقصير،
وأنبهم على تهاونهم، فاعتذروا إليه، ورجوه أن يرفع الضرب عن المدينة، فاستمع إلى ضراعتهم،
وأمر بالكف عن الضرب مؤقتاً، وذهب المشايخ إلى الأزهر لينصحوا الثوار بالتزام الهدوء
والسكينة، فلم يصغوا إليهم، وردوهم بجفاء، ومنعوهم من دخول الجامع.
وهنا أيقن الفرنسيون أنه للتغلب نهائياً على الثوار لا بد من أن يحتلوا الجامع الأزهر والمنافذ
المؤدية إليه، وصدرت الأوامر بضرب الجامع الشهير، وأخذت القنابل تنهال عليه، وعلى الأحياء
المجاورة مثل الصنادقية الغورية، والفحامين وغيرها، بشدّة لا مثيل لها، فساد الفزع والروع،
وتزعزعت أركان الجامع وقتل كثير من الناس، ودفن الكثير منهم تحت الأنقاض، واستمر الضرب
حتى المساء، فمزّقت صفوف الثوار، وطالبوا بالأمان، وألقوا السلاح، وتفرّق معظمهم في سائر
الدروب والأزقة، ورفع الفرنسيون المتاريس من طرقات الجامع، وتواثبوا إليه، فرساناً ومشاةً،
واقتحموه اقتحام الضواري بخيولهم، واحتلوه في مناظر وحشية، غير مكترثين لحرمته الدينية
والعلمية. وكان ذلك في يوم الثلاثاء 23 تشرين أول سنة 1798م (13 جماى الأولى 1213هـ).
وإليك ما كتبه الجبرتي، وهو يومئذ شاهد عيان، وكان يقيم على مقربة من مسرح الحوادث، في
وصف تفاصيل هذا العمل الهمجي، الذي يعتبر من أفظع جرائم الحملة الفرنسية:
"وبعد هجعة الليل دخل الإفرنج المدينة كالسيل، ومروا في الأزقة والشوارع، لا يجدون لهم ممانع
كالشياطين، أو جند إبليس، وهدموا ما وجدوه من المتاريس، ودخل طائفة من باب البرقية، ومشوا
إلى الغورية، وكرّوا ورجعوا، وترددوا وما هجعوا، وعلموا باليقين أن لا دافع لهم ولا كمين،
وتراسلوا إرسالاً، ركباناً ورجالاً، ثم دخلوا إلى الجامع الأزهر، وهم راكبون الخيول، وبينهم المشاة
كالوعول، وتفرّقوا بصحنه ومقصورته، وربطوا خيولهم بقبلته، وعاثوا بالأروقة والحارات، وكسروا
القناديل والسهارات، وهشموا خزائن الطلبة والمجاورين والكتبة، ونهبوا ما وجدوه من المتاع
والأواني والقصاع، والودائع والمخبات بالدواليب والخزانات، ورشقوا الكتب والمصاحف، وعلى
الأرض طرحوها، وبأرجلهم ونعالهم داسوها... وشربوا الشراب وكسروا أوانيه، وألقوها بصحنه
ونواحيه، وكل من صادفوه به عروه ومن ثيابه أخرجوه".
وهكذا احتل الفرنسيون الجامع الأزهر، ومنعوا العلماء والطلاب من دخوله، وانتشر الجنود في
الأحياء المجاورة، ينهبون البيوت بحجة البحث عن السلاح، ويعيثون في الأسواق الفساد وينفذون
الاعتقالات، مما اضطر كثير من سكّان الأحياء المجاورة إلى الفرار ناجين بأنفسهم".
ويعلق الجبرتي على هذا العمل بقوله: "وانتهكت حرمة تلك البقعة بعد أن كانت أشرف البقاع
ويرغب الناس في سكناها، ويودعون عند أهلها ما يخافون عليه الضياع، والفرنساويون لا يمرّون
بها إلا في النادر، ويحترمونها عن غيرها في الباطن والظاهر، فانقلبت بهذه الحركة فيها
الموضوع، وانخفض على غير القياس المرفوع".
وليس من موضوعنا أن نتتبع حوادث هذه الثورة التي اضطرمت بها القاهرة على الفرنسيين،
والتي ذهب ضحيتها الاف من المصريين سواء منهم من قتل أثناء المعارك، أو قبض عليهم أفراداً
أو جماعات دون ذنب ولا جريمة، وسيقوا إلى القلعة ثم أُعدموا بعد ذلك. وإنما يهمنا من هذه
الحوادث فقط ما تعلّق منها بالجامع الأزهر، والدور الذي اضطلع به في مقاومة المحتلين.
لم تقف المحنة عند احتلال الجامع الأزهر، وانتهاك حُرمه على هذا النحو، بل وقع ثمة اعتداء
محزن اخر على علمائه.
ففي غداة احتلال الجامع، ذهب المشايخ إلى بيت سارى عسكر (نابليون)، يرجون منه العفو
وإصدار الأمان ليطمئن الناس، وتزول مخاوفهم، ثمّ رجوه أيضاً في جلاء الجنود عن الجامع
الأزهر، فوعدهم بإجابة ملتمسهم، ولكنه طلب إليهم التعريف عن زعماء الفتنة من مشايخ الأزهر،
فأبدوا له أنهم لا يعرفون أحداً منهم، فقال لهم إنهم يعرفونهم واحداً واحداً. ثم أصدر الأمر بجلاء
الجند عن الجامع، ولكن بقيت منهم كتيبة تبلغ السبعين، ترابط في الأحياء المجاورة، لضبط النظام،
والسهر على حركات الطلاب والأهالي.
وفي اليوم التالي، بعث الفرنسيون رجالهم للبحث عن زعماء الفتنة، "المتعممين" والقبض عليهم،
فانتهوا إلى القبض على الشيوخ الاتية أسماؤهم: الشيخ سلمان الجوسقي شيخ طائفة العميان،
والشيخ أحمد الشرقاوي، والشيخ عبد الوهاب الشبراوي، والشيخ يوسف المصيلحي، والشيخ
إسماعيل البراوي، وبحثوا عن الشيخ بدر المقدسي، ولكنه كان قد فرّ وسافر إلى الشام. وكان
هؤلاء جميعاً من أواسط علماء الأزهر. وأُخذ الشيوخ المقبوض عليهم إلى بيت البكري، حيث
اعتقلوا هنالك. فلما علم كبار الشيوخ بما وقع، ذهب وفد منهم، وعلى رأسه الشيخ السادات إلى
منزل "صارى عسكر" والتمسوا إليه العفو عن الشيوخ المقبوض عليهم، فاستُمهلوا، وطُلب إليهم
التريث والانتظار.
ولبث المقبوض عليهم في بيت البكري، إلى مساء يوم السبت، ثم جاءت ثلّة من الجند، وأخذتهم
أولاً إلى منزل "القومندان" بدرب الجماميز، ثمّ هنالك جرّدوا من ثيابهم، ثمّ اقتيدوا إلى القلعة،
وسجنوا هنالك. ويقول لنا الجبرتي، إنهم أعدموا في اليوم التالي رمياً بالرصاص، وألقيت جثثهم
من السور خلف القلعة، وغاب أمرهم عن أكثر الناس أياماً، ولكن يُستفاد من المصادر الفرنسية
المعاصرة، أنهم حوكموا بعد ذلك بأيام بطريقة سرّية، وحكم عليهم بالإعدام في يوم 3 تشرين
الثاني سنة 1798م، ثمّ أُعدموا في اليوم التالي، وتقول هذه المصادر إن عدد المحكوم عليهم كان
ستة لا خمسة، وإن سادسهم كان يُسمّى السيّد عبد الكريم، وإنهم أعدموا في ميدان القلعة، وقطعت
رؤوسهم.
وفي أثناء ذلك كان المشايخ يكرّرون سعيهم في سبيل العفو عن أولئك الشيوخ، ظناً منهم أنهم ما
زالوا على قيد الحياة.
وقد أشار الشيخ عبد اللَّه الشرقاوي شيخ الجامع الأزهر، ورئيس الديوان يومئذٍ إلى تلك الحوادث
المحزنة في كتابه "تحفة الناظرين" في الفقرة الاتية:
"إن الفرنسيين قتلوا من علماء مصر نحو ثلاثة عشر عالماً، ودخلوا بخيولهم الجامع الأزهر،
ومكثوا فيه يوماً، وبعض الليلة الثانية، وقتلوا فيه بعض العلماء، ونهبوا منه أموالاً كثيرة، وسبب
وجودهم فيه أنّ أهل البلد ظنوا أن العسكر لا يدخله فحولوا فيه أمتعة بيوتهم، فنهبوها ونهبوا أكثر
البيوت التي حول الجامع، ونشروا الكتب التي في الخزائن، يعتقدون أن بها أموالاً، وأخذ من كان
معهم من اليهود الذين يترجمون لهم، كتباً ومصاحف نفيسة".
بيد أن المغزى الذي يهمّنا هنا، هو أن المحتلين، إدراكاً منهم لزعامة علماء الأزهر الروحية
والشعبية يومئذٍ، قد لجأوا إلى هذه الزعامة يحاولون استغلالها في تهدئة الشعب، وحمله على التزام السكينة والخضوع.
وكان من أثر الثورة، وما اقترن بها من الاضطرابات، أنّ عُطل الديوان، فلمّا هدأت الأحوال،
أصدر نابليون في 21 كانون الأول سنة 1798، قراراً بإنشاء ديوان جديد، على مثل أوسع نطاقاً
من الديوان القديم، وجعل أعضاءه ستين بدل عشرة، وأدخل فيه إلى جانب العلماء ممثلين للطوائف
الأخرى، من الجند والتجار والأقباط والأجانب، وبلغ عدد العلماء فيه عشرة، معظمهم من شيوخ
الجامع الأزهر وهم: الشيخ عبد اللَّه الشرقاوي شيخ الجامع، الشيخ محمد المهدي، الشيخ مصطفي
الصاوي، الشيخ موسى السرسي، الشيخ محمد الأمير، الشيخ سليمان الفيومي، الشيخ أحمد
العريشي، الشيخ إبراهيم المفتي، الشيخ صالح الحنبلي، الشيخ محمد الدواخلي، الشيخ مصطفي
الدمنهوري، الشيخ خليل البكري، السيد حسين الرفاعي، الشيخ الدمرداشي.
وقد كان هذا الديوان الكبير الممثل لجميع الطوائف هو الديوان العام، وهو يجتمع بحسب الاقتضاء
فقط، وقد اختير من بين أعضائه، أربعة عشر عضواً يتألف منهم الديوان الخصوصي، وهو الديوان
العامل فعلاً، وقد قضى منشور التأسيس بأن يجتمع كل يوم "للنظر في مصالح الناس، وتوفير
أسباب السعادة والرفاهية لهم". وكان من بين أعضاء الديوان الخصوصي من العلماء خمسة، وهم
الشيخ عبد اللَّه الشرقاوي، الشيخ محمد المهدي، الشيخ مصطفي الصاوي، الشيخ سليمان الفيومي،
الشيخ خليل البكري، وأسندت رئاسة الديوان إلى الشيخ عبد اللَّه الشرقاوي.
وقد اضطلع الديوان الخصوصي بمهمته من تدبير شؤون القاهرة، وحفظ الأمن فيها، وإقامة العدل
وتقدير الضرائب وغيرها، وكان المحتلون يأخذون برأيه في معظم الشؤون.
وفي العاشر من شباط سنة 1799، غادر نابليون القاهرة ليقود الحملة التي أعدّها لغزو سوريا.
ونحن نعرف الفشل الذي مُنيت به هذه الحملة، وكيف تحطمت جهود الغزاة تحت أسوار ثغر عكا،
وكيف اضطر نابليون بعد هزيمته أن يعود أدراجه إلى القاهرة، فوصلها في منتصف شهر
حزيران. وكانت أعراض الانتفاض قد بدت أثناء ذلك في بعض الأقاليم البحرية، وشغل الفرنسيون
بقمعها، ثمّ قدمت إلى مياه الإسكندرية حملة عثمانية ونزلت في أبي قير، فهرع نابليون في قواته
إلى لقائها واستطاع أن يهزم الترك (أواخر تموز). ثم عاد بعد ذلك ثانية إلى القاهرة.
وهنا وصلته أنباء مقلقة عن سير الحوادث في أوروبا وفرنسا، فاعتزم مغادرة مصر، وغادرها فعلاً
في أواخر اب سنة 1799، وعين الجنرال باتست كليبر قائد حامية
دمياط، مكانه في القيادة العامة
.
وجاء كليبر إلى القاهرة، واستقرّ في منزل الألفي الذي كان ينزل به نابليون من قبل. وكان من أول
أعماله، أن استدعى أعضاء الديوان المخصوص لمقابلته، وتكلّم الشيخ محمد المهدي بالنيابة عن
يئة الديوان، فأبدى أسفه لسفر الجنرال بونابرت، وأعرب عن أمله في عدالة خلفه واستقامته، وردّ
الجنرال كليبر، فأكد أنه سوف يُعنى بالعمل على سعادة الشعب المصري.
ذلك لأن اللَّه بقدره الحكيم قد ربط بين مصير الجامع الأزهر، ومصير الجنرال كليبر برباط من
تدابيره الخفية القاهرة.
لبث الأزهر من بعد الثورة الوطنية التي اضطلع فيها بأعظم دور، والتي احتمل فيها أعظم
التضحيات، في حالة اضطراب شديد، وتفرّق كثير من أساتذته وطلابه، وركدت حلقاته ودروسه،
ولبث الفرنسيون يرقبون حركاته وسكناته بأعين ساهرة.
وعاش الأزهر وأهله من ذلك الوقت، في حالة نفسية متوترة، حتى أنه ما تكاد تبدو الدوريات
الفرنسية على مقربة منه، حتى يقع الهرج والاضطراب في المنطقة كلها، وتغلق أبواب الجامع،
وسائر الحوانيت والدور المجاورة.
وكان الفرنسيون أحياناً يحاولون إظهار توقيرهم وتكريمهم للجامع الأزهر على طريقتهم، ومن ذلك
ما رواه الجبرتي في حوادث يوم الأربعاء اخر رمضان سنة 1213هـ، لمناسبة احتفال الفرنسيين
في القاهرة، باستيلاء حملتهم على غزة وخان يونس من الترك، حيث يقول في ج3، ص48
: "وفي ذلك اليوم، بعد العصر بنحو عشرين درجة، حضر عدة من الفرنسيين، ومعهم كبير منهم،
وهم راكبون الخيول، وعدة من المشاة، وفيهم جماعة لابسون عمائم بيض، وجماعة أيضاً ببرانيط
ومعهم نفير ينفخ فيه، وبيدهم بيارق، وهي التي كانت عند المسلمين على قلعة العريش، إلى أن
وصلوا إلى الجامع الأزهر، فاصطفوا رجالاً وركباناً بباب الجامع، وطلبوا الشيخ الشرقاوي،
فسلمّوه تلك البيارق وأمروه برفعها ونصبها على منارات الجامع الأزهر، فنصبوا بيرقين ملونين
على المنارة الكبيرة ذات الهلالين، عند كل هلال بيرقاً، وعلى منارة أخرى بيرقاً ثالثاً. وعند
رفعهم ذلك، ضربوا عدّة مدافع من القلعة بهجةً وسروراً، وكان ذلك ليلة عيد الفطر".
على أنّ هذه المظاهر وأمثالها، مما كان يحرص الفرنسيون على إقامته في المناسبات الدينية
والقومية، مثل الاحتفال بالمولد النبوي، أو مولد الحسين، أو الاحتفال بوفاء النيل، وغير ذلك، لم
تكن هذه المظاهر تخفي الحقيقة الواضحة، وهي أن الأزهر علماءه وطلابه، كان يرى في أولئك
المحتلين ألدّ أعدائه، وأخطرهم على كيانه ونظمه، وقد ترك انتهاك الفرنسيين لحرمة الأزهر
واحتلاله، في نفوس الأزهريين كُرهاً لا يُمحى، وأمنية تضطرم في انهيار سلطان أولئك المعتدين،
وتحرير البلاد من نيرهم وعسفهم.
وقد كانت الأحداث في الواقع تسير إلى تحقيق هذه الأمنية بخطوات سريعة متعاقبة، ذلك أن كليبر
تولى القيادة العامة، وقد تحرّجت الأحوال وأخذت الصعاب تتفاقم، وكانت الجيوش العثمانية ما
زالت ماضية في استعدادها لدخول مصر، والأسطول الإنكليزي الذي يقوده السير سدني سميث،
يجوب المياه المصرية، من يافا إلى الإسكندرية ويقطع على الفرنسيين كل صلة خارجية، وبالرغم
من أن الفرنسيين هزموهم في موقعة دمياط (تشرين الثاني سنة 1799) فإن العثمانيين استمروا
بزحفهم على مصر من طريق سيناء، ومن ثم فقد رأى كليبر بعد التشاور مع قواده أن يقبل ما
عرضه العثمانيون والإنكليز من عقد الصلح على أساس جلاء الفرنسيين عن مصر، وانتهت
المفاوضات في ذلك إلى عقد معاهدة العريش (كانون الثاني سنة 1800)، وقد نصت على أن
يجلو الفرنسيون عن مصر بأسلحتهم ومعداتهم، وأن يكون جلاؤهم عن القاهرة في ظرف 45 يوماً
على الأكثر، من التصديق على المعاهدة، وتُلي هذا النبأ على أعضاء الديوان، وأُذيع مضمونه في
منشور أُلصقت منه نسخ في الأسواق والشوارع ففرح الناس واستبشروا خيراً.
ولكن الإنكليز نقضوا شروط المعاهدة، وأصروا على أن يُعتبر الفرنسيون أسرى، وأن يسلموا
أسلحتهم ومعداتهم. وفي خلال ذلك كانت الجيوش العثمانية قد وصلت إلى داخل البلاد، فعاد كليبر
إلى الاستعداد للدفاع، وهزم العثمانيين في موقعة جديدة بالقرب من المرج في مارس سنة 1800
.
واضطرمت القاهرة في نفس الوقت بثورة جديدة، وظهرت أعراض الانتفاض من جديد في كثير
من الأقاليم، وبدأت ثورة القاهرة في بولاق،
تجمعت فيها الجماهير، في سائر المناطق المؤدية إلى الجامع الأزهر، وسارت كتائب أخرى لتمنع
جموع الأهالي التي تقاطرت من الضواحي على العاصمة، وكان منها كتيبة يقودها الكولونيل
سلكوسكي ياور نابليون.
وكانت جموع الثوار قد تضاعفت، وازدادت حميّتها، فالتحمت ببعض الكتائب، وحاولت أن تزحف
على المرتفعات التي ركبت فيها المدافع فوق تلال البرقية والقلعة، فصدّها الفرنسيون، وقتلوا عدداً
كبيراً من الأهالي، وقتل في تلك الأثناء الكولونيل سلكوسكي، وحمل نبأ مصرعه إلى نابليون فحزن
لفقده حزناً عظيماً، واشتدّ سخطه على الثوّار، واعتزم أن ينكل بهم أيما تنكيل.
وكانت المدافع في أثناء ذلك ترسل نيرانها على مراكز الثوّار، ولا سيما المناطق المحيطة بالجامع
الأزهر، فتفتك بهم، وتحطم الدور والمتاجر، وتقوّض في طريقها كل شيء، فلما تفاقم الخطب،
واشتدّ الكرب، ذهب مشايخ الديوان عصراً لمقابلة نابليون (صارى عسكر) فاتهمهم بالتقصير،
وأنبهم على تهاونهم، فاعتذروا إليه، ورجوه أن يرفع الضرب عن المدينة، فاستمع إلى ضراعتهم،
وأمر بالكف عن الضرب مؤقتاً، وذهب المشايخ إلى الأزهر لينصحوا الثوار بالتزام الهدوء
والسكينة، فلم يصغوا إليهم، وردوهم بجفاء، ومنعوهم من دخول الجامع.
وهنا أيقن الفرنسيون أنه للتغلب نهائياً على الثوار لا بد من أن يحتلوا الجامع الأزهر والمنافذ
المؤدية إليه، وصدرت الأوامر بضرب الجامع الشهير، وأخذت القنابل تنهال عليه، وعلى الأحياء
المجاورة مثل الصنادقية الغورية، والفحامين وغيرها، بشدّة لا مثيل لها، فساد الفزع والروع،
وتزعزعت أركان الجامع وقتل كثير من الناس، ودفن الكثير منهم تحت الأنقاض، واستمر الضرب
حتى المساء، فمزّقت صفوف الثوار، وطالبوا بالأمان، وألقوا السلاح، وتفرّق معظمهم في سائر
الدروب والأزقة، ورفع الفرنسيون المتاريس من طرقات الجامع، وتواثبوا إليه، فرساناً ومشاةً،
واقتحموه اقتحام الضواري بخيولهم، واحتلوه في مناظر وحشية، غير مكترثين لحرمته الدينية
والعلمية. وكان ذلك في يوم الثلاثاء 23 تشرين أول سنة 1798م (13 جماى الأولى 1213هـ).
وإليك ما كتبه الجبرتي، وهو يومئذ شاهد عيان، وكان يقيم على مقربة من مسرح الحوادث، في
وصف تفاصيل هذا العمل الهمجي، الذي يعتبر من أفظع جرائم الحملة الفرنسية:
"وبعد هجعة الليل دخل الإفرنج المدينة كالسيل، ومروا في الأزقة والشوارع، لا يجدون لهم ممانع
كالشياطين، أو جند إبليس، وهدموا ما وجدوه من المتاريس، ودخل طائفة من باب البرقية، ومشوا
إلى الغورية، وكرّوا ورجعوا، وترددوا وما هجعوا، وعلموا باليقين أن لا دافع لهم ولا كمين،
وتراسلوا إرسالاً، ركباناً ورجالاً، ثم دخلوا إلى الجامع الأزهر، وهم راكبون الخيول، وبينهم المشاة
كالوعول، وتفرّقوا بصحنه ومقصورته، وربطوا خيولهم بقبلته، وعاثوا بالأروقة والحارات، وكسروا
القناديل والسهارات، وهشموا خزائن الطلبة والمجاورين والكتبة، ونهبوا ما وجدوه من المتاع
والأواني والقصاع، والودائع والمخبات بالدواليب والخزانات، ورشقوا الكتب والمصاحف، وعلى
الأرض طرحوها، وبأرجلهم ونعالهم داسوها... وشربوا الشراب وكسروا أوانيه، وألقوها بصحنه
ونواحيه، وكل من صادفوه به عروه ومن ثيابه أخرجوه".
وهكذا احتل الفرنسيون الجامع الأزهر، ومنعوا العلماء والطلاب من دخوله، وانتشر الجنود في
الأحياء المجاورة، ينهبون البيوت بحجة البحث عن السلاح، ويعيثون في الأسواق الفساد وينفذون
الاعتقالات، مما اضطر كثير من سكّان الأحياء المجاورة إلى الفرار ناجين بأنفسهم".
ويعلق الجبرتي على هذا العمل بقوله: "وانتهكت حرمة تلك البقعة بعد أن كانت أشرف البقاع
ويرغب الناس في سكناها، ويودعون عند أهلها ما يخافون عليه الضياع، والفرنساويون لا يمرّون
بها إلا في النادر، ويحترمونها عن غيرها في الباطن والظاهر، فانقلبت بهذه الحركة فيها
الموضوع، وانخفض على غير القياس المرفوع".
وليس من موضوعنا أن نتتبع حوادث هذه الثورة التي اضطرمت بها القاهرة على الفرنسيين،
والتي ذهب ضحيتها الاف من المصريين سواء منهم من قتل أثناء المعارك، أو قبض عليهم أفراداً
أو جماعات دون ذنب ولا جريمة، وسيقوا إلى القلعة ثم أُعدموا بعد ذلك. وإنما يهمنا من هذه
الحوادث فقط ما تعلّق منها بالجامع الأزهر، والدور الذي اضطلع به في مقاومة المحتلين.
لم تقف المحنة عند احتلال الجامع الأزهر، وانتهاك حُرمه على هذا النحو، بل وقع ثمة اعتداء
محزن اخر على علمائه.
ففي غداة احتلال الجامع، ذهب المشايخ إلى بيت سارى عسكر (نابليون)، يرجون منه العفو
وإصدار الأمان ليطمئن الناس، وتزول مخاوفهم، ثمّ رجوه أيضاً في جلاء الجنود عن الجامع
الأزهر، فوعدهم بإجابة ملتمسهم، ولكنه طلب إليهم التعريف عن زعماء الفتنة من مشايخ الأزهر،
فأبدوا له أنهم لا يعرفون أحداً منهم، فقال لهم إنهم يعرفونهم واحداً واحداً. ثم أصدر الأمر بجلاء
الجند عن الجامع، ولكن بقيت منهم كتيبة تبلغ السبعين، ترابط في الأحياء المجاورة، لضبط النظام،
والسهر على حركات الطلاب والأهالي.
وفي اليوم التالي، بعث الفرنسيون رجالهم للبحث عن زعماء الفتنة، "المتعممين" والقبض عليهم،
فانتهوا إلى القبض على الشيوخ الاتية أسماؤهم: الشيخ سلمان الجوسقي شيخ طائفة العميان،
والشيخ أحمد الشرقاوي، والشيخ عبد الوهاب الشبراوي، والشيخ يوسف المصيلحي، والشيخ
إسماعيل البراوي، وبحثوا عن الشيخ بدر المقدسي، ولكنه كان قد فرّ وسافر إلى الشام. وكان
هؤلاء جميعاً من أواسط علماء الأزهر. وأُخذ الشيوخ المقبوض عليهم إلى بيت البكري، حيث
اعتقلوا هنالك. فلما علم كبار الشيوخ بما وقع، ذهب وفد منهم، وعلى رأسه الشيخ السادات إلى
منزل "صارى عسكر" والتمسوا إليه العفو عن الشيوخ المقبوض عليهم، فاستُمهلوا، وطُلب إليهم
التريث والانتظار.
ولبث المقبوض عليهم في بيت البكري، إلى مساء يوم السبت، ثم جاءت ثلّة من الجند، وأخذتهم
أولاً إلى منزل "القومندان" بدرب الجماميز، ثمّ هنالك جرّدوا من ثيابهم، ثمّ اقتيدوا إلى القلعة،
وسجنوا هنالك. ويقول لنا الجبرتي، إنهم أعدموا في اليوم التالي رمياً بالرصاص، وألقيت جثثهم
من السور خلف القلعة، وغاب أمرهم عن أكثر الناس أياماً، ولكن يُستفاد من المصادر الفرنسية
المعاصرة، أنهم حوكموا بعد ذلك بأيام بطريقة سرّية، وحكم عليهم بالإعدام في يوم 3 تشرين
الثاني سنة 1798م، ثمّ أُعدموا في اليوم التالي، وتقول هذه المصادر إن عدد المحكوم عليهم كان
ستة لا خمسة، وإن سادسهم كان يُسمّى السيّد عبد الكريم، وإنهم أعدموا في ميدان القلعة، وقطعت
رؤوسهم.
وفي أثناء ذلك كان المشايخ يكرّرون سعيهم في سبيل العفو عن أولئك الشيوخ، ظناً منهم أنهم ما
زالوا على قيد الحياة.
وقد أشار الشيخ عبد اللَّه الشرقاوي شيخ الجامع الأزهر، ورئيس الديوان يومئذٍ إلى تلك الحوادث
المحزنة في كتابه "تحفة الناظرين" في الفقرة الاتية:
"إن الفرنسيين قتلوا من علماء مصر نحو ثلاثة عشر عالماً، ودخلوا بخيولهم الجامع الأزهر،
ومكثوا فيه يوماً، وبعض الليلة الثانية، وقتلوا فيه بعض العلماء، ونهبوا منه أموالاً كثيرة، وسبب
وجودهم فيه أنّ أهل البلد ظنوا أن العسكر لا يدخله فحولوا فيه أمتعة بيوتهم، فنهبوها ونهبوا أكثر
البيوت التي حول الجامع، ونشروا الكتب التي في الخزائن، يعتقدون أن بها أموالاً، وأخذ من كان
معهم من اليهود الذين يترجمون لهم، كتباً ومصاحف نفيسة".
بيد أن المغزى الذي يهمّنا هنا، هو أن المحتلين، إدراكاً منهم لزعامة علماء الأزهر الروحية
والشعبية يومئذٍ، قد لجأوا إلى هذه الزعامة يحاولون استغلالها في تهدئة الشعب، وحمله على التزام السكينة والخضوع.
وكان من أثر الثورة، وما اقترن بها من الاضطرابات، أنّ عُطل الديوان، فلمّا هدأت الأحوال،
أصدر نابليون في 21 كانون الأول سنة 1798، قراراً بإنشاء ديوان جديد، على مثل أوسع نطاقاً
من الديوان القديم، وجعل أعضاءه ستين بدل عشرة، وأدخل فيه إلى جانب العلماء ممثلين للطوائف
الأخرى، من الجند والتجار والأقباط والأجانب، وبلغ عدد العلماء فيه عشرة، معظمهم من شيوخ
الجامع الأزهر وهم: الشيخ عبد اللَّه الشرقاوي شيخ الجامع، الشيخ محمد المهدي، الشيخ مصطفي
الصاوي، الشيخ موسى السرسي، الشيخ محمد الأمير، الشيخ سليمان الفيومي، الشيخ أحمد
العريشي، الشيخ إبراهيم المفتي، الشيخ صالح الحنبلي، الشيخ محمد الدواخلي، الشيخ مصطفي
الدمنهوري، الشيخ خليل البكري، السيد حسين الرفاعي، الشيخ الدمرداشي.
وقد كان هذا الديوان الكبير الممثل لجميع الطوائف هو الديوان العام، وهو يجتمع بحسب الاقتضاء
فقط، وقد اختير من بين أعضائه، أربعة عشر عضواً يتألف منهم الديوان الخصوصي، وهو الديوان
العامل فعلاً، وقد قضى منشور التأسيس بأن يجتمع كل يوم "للنظر في مصالح الناس، وتوفير
أسباب السعادة والرفاهية لهم". وكان من بين أعضاء الديوان الخصوصي من العلماء خمسة، وهم
الشيخ عبد اللَّه الشرقاوي، الشيخ محمد المهدي، الشيخ مصطفي الصاوي، الشيخ سليمان الفيومي،
الشيخ خليل البكري، وأسندت رئاسة الديوان إلى الشيخ عبد اللَّه الشرقاوي.
وقد اضطلع الديوان الخصوصي بمهمته من تدبير شؤون القاهرة، وحفظ الأمن فيها، وإقامة العدل
وتقدير الضرائب وغيرها، وكان المحتلون يأخذون برأيه في معظم الشؤون.
وفي العاشر من شباط سنة 1799، غادر نابليون القاهرة ليقود الحملة التي أعدّها لغزو سوريا.
ونحن نعرف الفشل الذي مُنيت به هذه الحملة، وكيف تحطمت جهود الغزاة تحت أسوار ثغر عكا،
وكيف اضطر نابليون بعد هزيمته أن يعود أدراجه إلى القاهرة، فوصلها في منتصف شهر
حزيران. وكانت أعراض الانتفاض قد بدت أثناء ذلك في بعض الأقاليم البحرية، وشغل الفرنسيون
بقمعها، ثمّ قدمت إلى مياه الإسكندرية حملة عثمانية ونزلت في أبي قير، فهرع نابليون في قواته
إلى لقائها واستطاع أن يهزم الترك (أواخر تموز). ثم عاد بعد ذلك ثانية إلى القاهرة.
وهنا وصلته أنباء مقلقة عن سير الحوادث في أوروبا وفرنسا، فاعتزم مغادرة مصر، وغادرها فعلاً
في أواخر اب سنة 1799، وعين الجنرال باتست كليبر قائد حامية
دمياط، مكانه في القيادة العامة
.
وجاء كليبر إلى القاهرة، واستقرّ في منزل الألفي الذي كان ينزل به نابليون من قبل. وكان من أول
أعماله، أن استدعى أعضاء الديوان المخصوص لمقابلته، وتكلّم الشيخ محمد المهدي بالنيابة عن
يئة الديوان، فأبدى أسفه لسفر الجنرال بونابرت، وأعرب عن أمله في عدالة خلفه واستقامته، وردّ
الجنرال كليبر، فأكد أنه سوف يُعنى بالعمل على سعادة الشعب المصري.
ذلك لأن اللَّه بقدره الحكيم قد ربط بين مصير الجامع الأزهر، ومصير الجنرال كليبر برباط من
تدابيره الخفية القاهرة.
لبث الأزهر من بعد الثورة الوطنية التي اضطلع فيها بأعظم دور، والتي احتمل فيها أعظم
التضحيات، في حالة اضطراب شديد، وتفرّق كثير من أساتذته وطلابه، وركدت حلقاته ودروسه،
ولبث الفرنسيون يرقبون حركاته وسكناته بأعين ساهرة.
وعاش الأزهر وأهله من ذلك الوقت، في حالة نفسية متوترة، حتى أنه ما تكاد تبدو الدوريات
الفرنسية على مقربة منه، حتى يقع الهرج والاضطراب في المنطقة كلها، وتغلق أبواب الجامع،
وسائر الحوانيت والدور المجاورة.
وكان الفرنسيون أحياناً يحاولون إظهار توقيرهم وتكريمهم للجامع الأزهر على طريقتهم، ومن ذلك
ما رواه الجبرتي في حوادث يوم الأربعاء اخر رمضان سنة 1213هـ، لمناسبة احتفال الفرنسيين
في القاهرة، باستيلاء حملتهم على غزة وخان يونس من الترك، حيث يقول في ج3، ص48
: "وفي ذلك اليوم، بعد العصر بنحو عشرين درجة، حضر عدة من الفرنسيين، ومعهم كبير منهم،
وهم راكبون الخيول، وعدة من المشاة، وفيهم جماعة لابسون عمائم بيض، وجماعة أيضاً ببرانيط
ومعهم نفير ينفخ فيه، وبيدهم بيارق، وهي التي كانت عند المسلمين على قلعة العريش، إلى أن
وصلوا إلى الجامع الأزهر، فاصطفوا رجالاً وركباناً بباب الجامع، وطلبوا الشيخ الشرقاوي،
فسلمّوه تلك البيارق وأمروه برفعها ونصبها على منارات الجامع الأزهر، فنصبوا بيرقين ملونين
على المنارة الكبيرة ذات الهلالين، عند كل هلال بيرقاً، وعلى منارة أخرى بيرقاً ثالثاً. وعند
رفعهم ذلك، ضربوا عدّة مدافع من القلعة بهجةً وسروراً، وكان ذلك ليلة عيد الفطر".
على أنّ هذه المظاهر وأمثالها، مما كان يحرص الفرنسيون على إقامته في المناسبات الدينية
والقومية، مثل الاحتفال بالمولد النبوي، أو مولد الحسين، أو الاحتفال بوفاء النيل، وغير ذلك، لم
تكن هذه المظاهر تخفي الحقيقة الواضحة، وهي أن الأزهر علماءه وطلابه، كان يرى في أولئك
المحتلين ألدّ أعدائه، وأخطرهم على كيانه ونظمه، وقد ترك انتهاك الفرنسيين لحرمة الأزهر
واحتلاله، في نفوس الأزهريين كُرهاً لا يُمحى، وأمنية تضطرم في انهيار سلطان أولئك المعتدين،
وتحرير البلاد من نيرهم وعسفهم.
وقد كانت الأحداث في الواقع تسير إلى تحقيق هذه الأمنية بخطوات سريعة متعاقبة، ذلك أن كليبر
تولى القيادة العامة، وقد تحرّجت الأحوال وأخذت الصعاب تتفاقم، وكانت الجيوش العثمانية ما
زالت ماضية في استعدادها لدخول مصر، والأسطول الإنكليزي الذي يقوده السير سدني سميث،
يجوب المياه المصرية، من يافا إلى الإسكندرية ويقطع على الفرنسيين كل صلة خارجية، وبالرغم
من أن الفرنسيين هزموهم في موقعة دمياط (تشرين الثاني سنة 1799) فإن العثمانيين استمروا
بزحفهم على مصر من طريق سيناء، ومن ثم فقد رأى كليبر بعد التشاور مع قواده أن يقبل ما
عرضه العثمانيون والإنكليز من عقد الصلح على أساس جلاء الفرنسيين عن مصر، وانتهت
المفاوضات في ذلك إلى عقد معاهدة العريش (كانون الثاني سنة 1800)، وقد نصت على أن
يجلو الفرنسيون عن مصر بأسلحتهم ومعداتهم، وأن يكون جلاؤهم عن القاهرة في ظرف 45 يوماً
على الأكثر، من التصديق على المعاهدة، وتُلي هذا النبأ على أعضاء الديوان، وأُذيع مضمونه في
منشور أُلصقت منه نسخ في الأسواق والشوارع ففرح الناس واستبشروا خيراً.
ولكن الإنكليز نقضوا شروط المعاهدة، وأصروا على أن يُعتبر الفرنسيون أسرى، وأن يسلموا
أسلحتهم ومعداتهم. وفي خلال ذلك كانت الجيوش العثمانية قد وصلت إلى داخل البلاد، فعاد كليبر
إلى الاستعداد للدفاع، وهزم العثمانيين في موقعة جديدة بالقرب من المرج في مارس سنة 1800
.
واضطرمت القاهرة في نفس الوقت بثورة جديدة، وظهرت أعراض الانتفاض من جديد في كثير
من الأقاليم، وبدأت ثورة القاهرة في بولاق،
يسرى محمد- عضو نشيط
رد: تابع الأزهر الشريف
يسرى محمد- عضو نشيط
رد: تابع الأزهر الشريف
ولسنا نود أن نتتبع تفاصل هذه القضية الشهيرة بأكثر من ذلك، ولكن الذي نود أن ننوّه به هنا هو أن التحقيق كان يتجه في أحيان كثرة إلى ذكر الشيخ الشرقاوي شيخ الجامع الأزهر، وإلى اصطياد القرائن أو الأقوال التي تثبت علمه أو علم غيره من كبار العلماء، بمشروع اغتيال كليبر بيد أن التحقيق لم يسفر في النهاية عن شيء من ذلك.
وعلى أثر التحقيق أنشئت محكمة عسكرية لمحاكمة المتهمين من تسعة أعضاء، وعقدت في اليوم التالي 15 حزيران. واستغرق هذا اليوم استجواب المتهمين، وفي اليوم التالي 16 حزيران، ألقى المدعي العام مرافعته، وكانت عنيفة ملتهبة، وطالب برؤوس المتهمين، ما عدا مصطفي أفندي البورصلي، وبعد اختتام المرافعات، أصدرت المحكمة حكمها الاتي:
1- أن تحرق لسليمان الحلبي يده اليمنى، ثم يعدم فوق الخازوق، وتترك جثته حتى تفترسها الجوارح.
2- أن يعدم عبد القادر الغزي، على الخازوق أيضاً، وأن تصادر أمواله.
3- أن يعدم كل من محمد الغزي، وعبد اللَّه الغزي، وأحمد الوالي، بقطع الرأس، ثم توضع رؤوسهم فوق الرماح، وتحرق جثثهم.
وقضى ببراءة مصطفي أفندي البورصلي، وإطلاق سراحه.
وفي اليوم التالي الأربعاء 26 محرّم سنة 1215 (19 حزيران سنة 1800) قام الفرنسيون بتشييع الجنرال كليبر في موكب عسكري حافل، وعلى إثر دفنه في بقعة تقع أمام باب القصر العيني، أُخذ الخمسة المحكوم عليهم، إلى التل القريب المعروف بتل العقارب، ونفذت فيهم الأحكام الصادرة عليهم.
وهكذا فجع الأزهر مرة أخرى، في ظلّ الاحتلال الفرنسي، في عدد من طلابه، بعد أن فُجع في ثورة القاهرة الأولى، في عدد من علمائه، بيد أن الفجيعة كانت في كل مرة عنوان زعامته الروحية والوطنية، وكان مصرع كليبر بيد سليمان الحلبي أحد أبنائه القدماء انتقاماً للأزهر لما أصابه من اعتداء المحتلين بانتهاك حُرمه، وتدنيس قدسيته، ولم تكن "مغازاة" سليمان في سبيل اللَّه، بعيدة عن هذا المعنى.
وعلى إثر دفن الجنرال كليبر، وتنفيذ الحكم في قاتله، رأى الفرنسيون أن يتخذوا نحو الجامع الأزهر بعض الإجراءات التحفظية، بعد أن اقتنعوا مما أثبته التحقيق أن الأزهر كان مهد المؤامرة، وقد أوى إليه القاتل ودبر فيه جريمته، وبعدما زادت شكوكهم في موقف علمائه، ففي يوم الجمعة 28 محرّم سنة 1215هـ (21 حزيران سة 1800) ذهب الجنرال منو إلى الأزهر، ومعه حاكم المدينة الجنرال بليار، والاغا (أي المحافظ)، وطافوا به، وأمروا بحفر بعض الأماكن للتفتيش عن السلاح، وكتبوا أسماء المجاورين (الطلاب)، في قوائم، وأمروا بأن لا يبيت بالجامع أحد من الغرباء، وأن لا يسمح بإيواء أي شخص افاقي، وأخرجوا منه سائر الطلبة الترك (ومنهم الشوام)، وتوجس المجاورون من هذه الإجراءات، فشرعوا في نقل متاعهم وكتبهم، وإخلاء الأروقة، ونقلوا الكتب الموقوفة بها إلى أماكن أخرى خارج الجامع، وساد الجامع وأروقته جو من الوحشة والركود.
وعندئذٍ رأى شيخ الجامع الشيخ الشرقاوي وزملاؤه، أن استمرار الدراسة في مثل هذا الجو أمر متعذر، وأنه من الأفضل أن يغلق نهائياً، حتى تتحسن الأحوال وتزول الشكوك، ففي عصر ذلك اليوم نفسه ذهب المشايخ، الشرقاوي، والمهدي والصاوي، وقابلوا الجنرال منو، واستأذنوه في قفل الجامع وتسميره.
وفي صباح اليوم التالي، أخرج سائر المجاورين، وأغلقت أبواب الجامع الشهير، وسمرت في سائر الجهات، وكانت هذه أوّل مرة في تاريخه يغلق فيها، بعد أن لبث منذ إنشائه نحو ثمانية قرون ونصف، مفتوح الأبواب لكلّ طالب وقاصد.
وكذلك أغلقت مدرسة (جامع) محمد بك أبي الذهب المواجهة للجامع الأزهر وسمرت أبوابها، وأخرج منها الطلبة الأتراك.
ثم عمد الفرنسيون على إثر هذه الحوادث، إلى اتباع سياسة القمع والعسف، وفرض الإتاوات الثقيلة، ونهب الدور والمتاع. وحاول الجنرال منو في نفس الوقت أن يتقرب إلى المصريين، فأعلن اعتناقه للإسلام، وتزوّج سيدة مصرية من رشيد، وتسمّى بعبد اللَّه جاك منو. وأعاد تأليف الديوان في تشرين الأول سنة 1800، بعد أن لبث معطلاً بضعة أشهر، وكان أعضاؤه في هذه المرة تسعة فقط، معظمهم أيضاً من كبار علماء الأزهر وهم: الشيخ عبد اللَّه الشرقاوي شيخ الجامع الأزهر، ورئيس الديوان، والشيخ محمد المهدي، والشيخ سليمان الفيومي، والشيخ محمد الأمير، والشيخ مصطفي الصاوي، والشيخ عبد الرحمن الجبرتي، المؤرخ، والشيخ علي الرشيدي، والسيد خليل البكري، والشيخ موسى السدسي، وعُين الشيخ إسماعيل الزرقاني قاضياً، والشاعر السيد إسماعيل الخشاب، أميناً لمحفوظات الديوان وكاتباً لسلسلة التواريخ، وهي عبارة عن محاضر جلسات الديوان، وسجل الحوادث اليومية الهامة. ومما هو جدير بالذكر، أنه كان بين مشاريع الجنرال منو أن يصدر جريدة يومية بالعربية عنوانها "التنبيه" وصدر القرار بذلك بالفعل، وعين السيد إسماعيل الخشاب رئيساً لتحريرها، ولكن القرار لم ينفذ، ولم تصدر الجريدة.
هذا وبينما كان الجنرال منو منهمكاً في مشاريعه، كان الإنكليز والترك، يعدون معداتهم الأخيرة لاجتياح مصر. وفي آذار سنة 1801 نزل الإنكليز إلى الإسكندرية، وهرع منو في قواته للقائهم، ونشبت بين الفريقين معركة هزم فيها الفرنسيون، وتابع الإنكليز بعد ذلك زحفهم حتى القاهرة. وتحرّك الجيش العثماني في نفس الوقت من العريش، وسار حتى وصل إلى مقربة من القاهرة، وهزمت كذلك القوات الفرنسية التي تصدّت لوقفه، وعندئذٍ تحرّج موقف الفرنسيين، وأدركوا أنه لا مفرّ من النزول على ضغط الحوادث، وقررّوا المفاوضة في عقد الصلح، وانتهت المفاوضات بين الفريقين على أن يتم جلاء الجنود الفرنسيين عن مصر، ومعهم أسلحتهم وأمتعتهم، ووقعت المعاهدة في 31 اب سنة 1801، وتم جلاء جميع الفرنسيين عن البلاد في منتصف شهر تشرين الأول، وبذلك اختتمت من تاريخ مصر صفحة مشجية، فياضة بالحوادث والمحن، ولكن فياضة في نفس الوقت بعوامل اليقظة والنهوض.
وكان قد مضى على إغلاق الجامع الأزهر زهاء عام، فما كادت، تذاع أنباء الصلح، وتأهب الفرنسيين للجلاء، حتى بادر أولو الأمر بفتح أبوابه، وكنسه وتنظيفه، وإعداده لاستقبال الطلاب والأساتذة، ويضع الجبرتي تاريخ افتتاح الجامع في يوم الاثنين 24 صفر سنة 1216هـ. ويضعه علي المبارك في المحرّم سنة 1216هـ. وفي يوم الجمعة التالي حضر الوزير حسن باشا ومعه الشيخ السادات، وأديّا صلاة الجمعة بالجامع بمناسبة افتتاحه، وكان يوماً حافلاً. وكان لافتتاح الأزهر، بعدما توالى عليه خلال الاحتلال الفرنسي من الحوادث المؤسفة، أطيب وقع في النفوس
وعلى أثر التحقيق أنشئت محكمة عسكرية لمحاكمة المتهمين من تسعة أعضاء، وعقدت في اليوم التالي 15 حزيران. واستغرق هذا اليوم استجواب المتهمين، وفي اليوم التالي 16 حزيران، ألقى المدعي العام مرافعته، وكانت عنيفة ملتهبة، وطالب برؤوس المتهمين، ما عدا مصطفي أفندي البورصلي، وبعد اختتام المرافعات، أصدرت المحكمة حكمها الاتي:
1- أن تحرق لسليمان الحلبي يده اليمنى، ثم يعدم فوق الخازوق، وتترك جثته حتى تفترسها الجوارح.
2- أن يعدم عبد القادر الغزي، على الخازوق أيضاً، وأن تصادر أمواله.
3- أن يعدم كل من محمد الغزي، وعبد اللَّه الغزي، وأحمد الوالي، بقطع الرأس، ثم توضع رؤوسهم فوق الرماح، وتحرق جثثهم.
وقضى ببراءة مصطفي أفندي البورصلي، وإطلاق سراحه.
وفي اليوم التالي الأربعاء 26 محرّم سنة 1215 (19 حزيران سنة 1800) قام الفرنسيون بتشييع الجنرال كليبر في موكب عسكري حافل، وعلى إثر دفنه في بقعة تقع أمام باب القصر العيني، أُخذ الخمسة المحكوم عليهم، إلى التل القريب المعروف بتل العقارب، ونفذت فيهم الأحكام الصادرة عليهم.
وهكذا فجع الأزهر مرة أخرى، في ظلّ الاحتلال الفرنسي، في عدد من طلابه، بعد أن فُجع في ثورة القاهرة الأولى، في عدد من علمائه، بيد أن الفجيعة كانت في كل مرة عنوان زعامته الروحية والوطنية، وكان مصرع كليبر بيد سليمان الحلبي أحد أبنائه القدماء انتقاماً للأزهر لما أصابه من اعتداء المحتلين بانتهاك حُرمه، وتدنيس قدسيته، ولم تكن "مغازاة" سليمان في سبيل اللَّه، بعيدة عن هذا المعنى.
وعلى إثر دفن الجنرال كليبر، وتنفيذ الحكم في قاتله، رأى الفرنسيون أن يتخذوا نحو الجامع الأزهر بعض الإجراءات التحفظية، بعد أن اقتنعوا مما أثبته التحقيق أن الأزهر كان مهد المؤامرة، وقد أوى إليه القاتل ودبر فيه جريمته، وبعدما زادت شكوكهم في موقف علمائه، ففي يوم الجمعة 28 محرّم سنة 1215هـ (21 حزيران سة 1800) ذهب الجنرال منو إلى الأزهر، ومعه حاكم المدينة الجنرال بليار، والاغا (أي المحافظ)، وطافوا به، وأمروا بحفر بعض الأماكن للتفتيش عن السلاح، وكتبوا أسماء المجاورين (الطلاب)، في قوائم، وأمروا بأن لا يبيت بالجامع أحد من الغرباء، وأن لا يسمح بإيواء أي شخص افاقي، وأخرجوا منه سائر الطلبة الترك (ومنهم الشوام)، وتوجس المجاورون من هذه الإجراءات، فشرعوا في نقل متاعهم وكتبهم، وإخلاء الأروقة، ونقلوا الكتب الموقوفة بها إلى أماكن أخرى خارج الجامع، وساد الجامع وأروقته جو من الوحشة والركود.
وعندئذٍ رأى شيخ الجامع الشيخ الشرقاوي وزملاؤه، أن استمرار الدراسة في مثل هذا الجو أمر متعذر، وأنه من الأفضل أن يغلق نهائياً، حتى تتحسن الأحوال وتزول الشكوك، ففي عصر ذلك اليوم نفسه ذهب المشايخ، الشرقاوي، والمهدي والصاوي، وقابلوا الجنرال منو، واستأذنوه في قفل الجامع وتسميره.
وفي صباح اليوم التالي، أخرج سائر المجاورين، وأغلقت أبواب الجامع الشهير، وسمرت في سائر الجهات، وكانت هذه أوّل مرة في تاريخه يغلق فيها، بعد أن لبث منذ إنشائه نحو ثمانية قرون ونصف، مفتوح الأبواب لكلّ طالب وقاصد.
وكذلك أغلقت مدرسة (جامع) محمد بك أبي الذهب المواجهة للجامع الأزهر وسمرت أبوابها، وأخرج منها الطلبة الأتراك.
ثم عمد الفرنسيون على إثر هذه الحوادث، إلى اتباع سياسة القمع والعسف، وفرض الإتاوات الثقيلة، ونهب الدور والمتاع. وحاول الجنرال منو في نفس الوقت أن يتقرب إلى المصريين، فأعلن اعتناقه للإسلام، وتزوّج سيدة مصرية من رشيد، وتسمّى بعبد اللَّه جاك منو. وأعاد تأليف الديوان في تشرين الأول سنة 1800، بعد أن لبث معطلاً بضعة أشهر، وكان أعضاؤه في هذه المرة تسعة فقط، معظمهم أيضاً من كبار علماء الأزهر وهم: الشيخ عبد اللَّه الشرقاوي شيخ الجامع الأزهر، ورئيس الديوان، والشيخ محمد المهدي، والشيخ سليمان الفيومي، والشيخ محمد الأمير، والشيخ مصطفي الصاوي، والشيخ عبد الرحمن الجبرتي، المؤرخ، والشيخ علي الرشيدي، والسيد خليل البكري، والشيخ موسى السدسي، وعُين الشيخ إسماعيل الزرقاني قاضياً، والشاعر السيد إسماعيل الخشاب، أميناً لمحفوظات الديوان وكاتباً لسلسلة التواريخ، وهي عبارة عن محاضر جلسات الديوان، وسجل الحوادث اليومية الهامة. ومما هو جدير بالذكر، أنه كان بين مشاريع الجنرال منو أن يصدر جريدة يومية بالعربية عنوانها "التنبيه" وصدر القرار بذلك بالفعل، وعين السيد إسماعيل الخشاب رئيساً لتحريرها، ولكن القرار لم ينفذ، ولم تصدر الجريدة.
هذا وبينما كان الجنرال منو منهمكاً في مشاريعه، كان الإنكليز والترك، يعدون معداتهم الأخيرة لاجتياح مصر. وفي آذار سنة 1801 نزل الإنكليز إلى الإسكندرية، وهرع منو في قواته للقائهم، ونشبت بين الفريقين معركة هزم فيها الفرنسيون، وتابع الإنكليز بعد ذلك زحفهم حتى القاهرة. وتحرّك الجيش العثماني في نفس الوقت من العريش، وسار حتى وصل إلى مقربة من القاهرة، وهزمت كذلك القوات الفرنسية التي تصدّت لوقفه، وعندئذٍ تحرّج موقف الفرنسيين، وأدركوا أنه لا مفرّ من النزول على ضغط الحوادث، وقررّوا المفاوضة في عقد الصلح، وانتهت المفاوضات بين الفريقين على أن يتم جلاء الجنود الفرنسيين عن مصر، ومعهم أسلحتهم وأمتعتهم، ووقعت المعاهدة في 31 اب سنة 1801، وتم جلاء جميع الفرنسيين عن البلاد في منتصف شهر تشرين الأول، وبذلك اختتمت من تاريخ مصر صفحة مشجية، فياضة بالحوادث والمحن، ولكن فياضة في نفس الوقت بعوامل اليقظة والنهوض.
وكان قد مضى على إغلاق الجامع الأزهر زهاء عام، فما كادت، تذاع أنباء الصلح، وتأهب الفرنسيين للجلاء، حتى بادر أولو الأمر بفتح أبوابه، وكنسه وتنظيفه، وإعداده لاستقبال الطلاب والأساتذة، ويضع الجبرتي تاريخ افتتاح الجامع في يوم الاثنين 24 صفر سنة 1216هـ. ويضعه علي المبارك في المحرّم سنة 1216هـ. وفي يوم الجمعة التالي حضر الوزير حسن باشا ومعه الشيخ السادات، وأديّا صلاة الجمعة بالجامع بمناسبة افتتاحه، وكان يوماً حافلاً. وكان لافتتاح الأزهر، بعدما توالى عليه خلال الاحتلال الفرنسي من الحوادث المؤسفة، أطيب وقع في النفوس
يسرى محمد- عضو نشيط
رد: تابع الأزهر الشريف
اخي الحبيب يسري
حقيقة لقد قدمت وجبة دسمة من تاريخ الازهر منارة الاسلام علي مر العصور
وعشنا معك فترة من تاريخ مصر شاهدة على اصالة هذا الشعب العظيم
حقيقة موضوع ولا اروع
بارك الله فيك ودمت لي استاذي الحبيب
حقيقة لقد قدمت وجبة دسمة من تاريخ الازهر منارة الاسلام علي مر العصور
وعشنا معك فترة من تاريخ مصر شاهدة على اصالة هذا الشعب العظيم
حقيقة موضوع ولا اروع
بارك الله فيك ودمت لي استاذي الحبيب
Admin- Admin
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى